الخطأ الذي ارتكبه رضا بهلوي، عبر التصريحات المؤيدة للكيان الاسرائيلي، وقبل ذلك زيارته للكيان، هو تكرار للخطأ الذي وقع فيه والده من قبل، حيث كان الاب ومن بعده الابن وقبلهما الجد، يعتقدون ان جميع الطرق المؤدية الى حكم ايران، تمر عبر التبعية المطلقة لامريكا، وان اقرب هذه الطرق واقصرها، هي التذلل والتضرع والخضوع لـ"اسرائيل"، ، فقد كان الشاه يتعاون أمنيا واستخباراتيا مع "إسرائيل"، وكان هناك تعاون بين السافاك الايراني و"الشاباك" الاسرائيلي و "السي اي ايه" الامريكي لتعقب الثوار الفلسطينيين، واللافت ان هذا الخطا، هو الذي انهى حكم أسرة بهلوي في ايران، ولكن يبدو ان الحفيد مازال مصرا على تكرار الخطأ وبطريقة اكثر اندفاعا.
يقول الرئيس السابق للموساد إفرايم هاليفي (1998-2002) "إن العلاقات بين طهران وتل أبيب في عهد الشاه كانت ممتازة، وعاش العديد من الإسرائيليين في إيران"، اما رئيس عمليات الموساد في إيران إليعازر جيسي زافرير (1978-1979) فيقول :"أن إيران كانت أهم شريك لإسرائيل بعد الولايات المتحدة".
من الاخطاء الكبرى الاخرى التي وقعت فيها اسرة بهلوي وخاصة الابن والحفيد، الذي اتخذ امريكا بلدا ثانيا له ، بعد ان اسقطت الثورة الاسلامية نظام والده، هو عدم معرفتها بشخصية الانسان الايراني، المتشبعة بتعاليم الاسلام المحمدي الاصيل، التي ترفض التبعية والظلم، فرغم ان ايران كانت تموج بالغضب والاستياء من النظام الملكي بسبب تبعيته لامريكا، وارتباطه الوثيق بالكيان الاسرائيلي الغاصب لاقدس مقدسات المسلمين، ومن بينهم الشعب الايراني، كان النظام الملكي ومعه امريكا، يصفون ايران بانها جزيرة هادئة وسط بحر متلاطم من الاضطرابات، وهو ما جعل الشاه ومن ورائه امريكا يتفاجأون بثورة الشعب الايراني.
رضا بهلوي، والذي يستعذب مخاطبته بلقب "ولي العهد"، يعيش في حلم لا يرغب في ان يصحو منه ليرى وضعه ومكانته وسمعته على حقيقتها داخل ايران ، بل وحتى خارجها، وكذلك حقيقة امريكا التي باتت عاجزة، منذ اكثر من 5 اشهر، الى جانب الكيان الاسرائيلي، عن اخضاع بضعة الاف من الشباب الفلسطيني المؤمن المحاصر منذ 17 عاما في بقعة من الارض لا تتجاوز 350 كيلومترا مربعا، رغم قتلهم نحو 32 الف شهيد فلسطيني وتدمير اكثر من 80 بالمائة من غزة. يتصور رضا هذا، ان الثنائي الفاشل، الامريكي الاسرائيلي، يملك القدرة على اسقاط نظام الجمهورية الاسلامية في ايران، واعادته الى الحكم .
رضا بهلوي زار الكيان الاسرائيلي للمشاركة في احتفالات الكيان بـ"المحرقة"، واستقبلته وزيرة الاستخبارات الإسرائيلية، غيلا غامليل، وكتبت في تغريدة لها على "تويتر" حينها، تقول :"ولي العهد الإيراني رضا بهلوي أهلا بكم في إسرائيل. معا سنجدد الروابط بين الشعبين، من أجل الأجيال القادمة"!. في المقابل قال رضا بهلوي قبيل زيارته للكيان الاسرائيلي ان "إيران الديمقراطية ستسعى إلى تجديد علاقاتها مع إسرائيل، وهذا اليوم أقرب من أي وقت مضى"!!.
من السهل جدا ان نضع تصريحات رضا بهلوي، المؤيدة للابادة الجماعية الذي ترتكبها امريكا و"اسرائيل" في غزة، في اطار رؤيته غير الموضوعية الى العلاقات الدولية، وعدم قدرته على تشخيص عناصر القوة والضعف فيها، والتغييرات التي طرأت عليها، فهو مازال يتجاهل الراي العام، وخاصة الايراني والاسلامي، عندما يؤيد الاجرام الاسرائيلي في غزة، وهو يعلم انها فاقت جرائم النازية، لانه ببساطة لا يعتقد بوجود قوى اخرى مؤثرة في المعادلات السياسية، الدولية والاقليمية، غير امريكا و"اسرائيل"، وهو اعتقاد كان راسخا لدى والده وجده، رغم ان هذه الجرائم الوحشية، مزقت الصورة المزيفة التي رسمها الاعلام الغربي لـ"اسرائيل الديمقراطية"!!، فلم يعد هناك في العالم ، كما اكد سماحة السيد الخامئني في خطابه الاخير، من يفرق بين الكيان الصهيوني وأمريكا وبريطانيا ، فقد سقط القناع عن وجه الحضارة الغربية، وزيف ادعاءاتها، التي مازال رضا بهلوي يؤمن بها ايمانا مطلقا، رغم انكشاف تهافتها وتفاهتها.