وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,,
فريد هلال
في عالمٍ مكتظٍّ بالضجيجِ والركضِ خلفَ
أحلامٍ لا تهدأ، نبحثُ جميعًا عن تلك "الهنينة"؛ اللحظةِ التي تختلطُ
فيها الأحلامُ بالسكينة، فتغمرنا بسلامٍ لا يُوصف. "هنينةُ الحلم" ليستْ
مُجردَ هدوءٍ عابرٍ، بل هي حالةٌ تُمكِّنُ الروحَ من الانسحابِ من صخبِ العالمِ
الخارجيِّ والارتقاءِ إلى عالمٍ خاصٍ، نرسمُه بأنفسنا، عالمٍ يتنفَّسُ الطمأنينة.
في لحظاتِ الحلمِ، حينَ نغلقُ أعينَنا
عن الواقعِ ونسمحُ لأرواحِنا بالتحليقِ، نجدُ الهنينةَ تتسللُ بلطفٍ بينَ ثنايا
الحلم، تضيءُ جوانبَ خفيةً بداخلِنا، وتفتحُ لنا أبوابًا لم نكن نعرفُ بوجودِها.
تلكَ اللحظاتُ التي تفيضُ بالسلامِ الداخلي، تشبهُ نسمةً باردةً في يومٍ قائظ،
تمرُّ علينا بخفةٍ، تُلامسُ عمقَ أرواحِنا، وتتركُ خلفَها شعورًا بالنقاء، كأنها
تُعيدُ ترتيبَ أفكارِنا وتُصفِّي قلوبَنا من كلِّ ما يثقلُها.
"هنينةُ الحلم" ليست مُجردَ
استراحةٍ قصيرةٍ من الواقع، بل هي واحةٌ في قلبِ الصحراء، تمنحنا فسحةً من الأملِ،
وإحساسًا بأنَّ كلَّ ما نبحثُ عنه في الخارجِ يمكنُ أن نجدَه بداخلِنا. هي لحظةٌ
نستعيدُ فيها توازنَنا، نستشعرُ فيها حضورَنا الحقيقي، بعيدًا عن الأقنعةِ
والأدوارِ التي نرتديها كلَّ يوم.
أحيانًا، نعتقدُ أنَّ الأحلامَ مُجردُ
هروبٍ من الواقع، لكنَّ في "هنينةِ الحلم"، ندركُ أنَّ الأحلامَ تلتقي
بالواقع، بل تداويه وتُعيدُ تشكيله من منظورٍ أصفى وأجمل. هنا، لا نحتاجُ إلى ركضٍ
نحو النجاحِ أو قلقٍ حولَ المستقبل، لأنَّ "هنينةَ الحلم" هي حالةُ
إيمانٍ بأنَّ اللحظةَ الآنيةَ هي أجملُ ما نملكُ، وأنَّ في هذه اللحظاتِ الهادئة
نجدُ أنفسنا كما نحن، بدون ضغطٍ، بدون توتر.
تأتي "هنينةُ الحلم" لتكونَ
قسطًا من الطمأنينة، تجددُ فينا الشغفَ بالحياة، وتذكرنا بأنَّ السلامَ الداخلي
ليس مستحيلًا، بل هو حلمٌ بسيطٌ يمكنُنا أن نعيشه متى ما توقفنا عن الركض، وأغمضنا
أعينَنا، وأخذنا نفسًا عميقًا.
"في هنينةِ الحلمِ نلقى سكينتنا
كأنما الطيفُ يروي ما نبتغي" |